علم الهندسة الوراثية
هي عملية استخدام تقنية التعديل فى الحمض النووي (DNA) لتغيير التركيب الجيني للكائن الحي. و حديثا غير البشر الجينات وقام العلماء بالتعديل عليها مما مكنهم بشكل غير مباشر من التحكم في التكاثر وإدخال الصفات المرغوبة التي قد تكون زيادة في الحجم أو زيادة في الإنتاجية. في أغلب الأحيان تتضمن الهندسة الوراثية المعالجة المباشرة لجين واحد أو أكثر. أو يُضاف جين من نوع آخر إلى جينوم الكائن الحي لمنحه الصفة المرغوبة التي يسعى خلفها الإنسان.
انتاج أعضاء حيوانية للانسان
إن من أهم الأهداف التي يسعى إليها علماء الهندسة الوراثية والتقنية الحيوية هي إنتاج حيوانات معدلة وراثيا وجينيا لتزويدنا بالأعضاء اللازمة لزراعتها داخل البشر والتي تتألف مع الجسم البشرى دون محاربتها من جهاز المناعة في الإنسان, فعلى سبيل المثال إنتاج خنازير معدلة وراثيا من خلال إدماج الجينات البشرية مع جينوم الخنازير لاستخدام أعضائه للمرضى حيث تتوافق هذه الأعضاء في أنها مشابهة في الحجم لأعضاء الإنسان, إدماج هذه الجينات يقلل من عملية الرفض من خلال جهاز المناعة البشرى, نقل القلب والكبد والرئتين تحتل المرتبة الأولى حاليا في هذه التجارب.
أهداف الهندسة الوراثية
إن من أهم أهداف التعديل الوراثيGenetic modification باستخدام التقنية الحيوية الحديثة هي السعي والعمل على تحسين إنتاجية الحيوانات وكفاءة تحويل الغذاء وزيادة قدرة الحيوانات لمقاومة الأمراض كما كان العمل على زيادة مقدرة الحيوانات للتأقلم مع الظروف البيئية وتحسين خصائص المنتجات الحيوانية هي الأخرى من الأشياء التي كان التحسن هدف لها أو تغييرها. إلا أن التعديل الجيني باستخدام التكنولوجيا الحديثة يتميز عن الطرق القديمة.
نقص الغذاء العالمى والهندسة الوراثية
أوضح تقرير عن منظمة الأغذية والزراعة العالمية أن كمية الإنتاج العالمي من الغذاء كافية لسد حاجة السكان على كوكب الأرض ولكن ذلك لن يحدث إلا في حالة توزيع هذا الغذاء بشكل عادل على سكان الأرض, ولكن الدول المتقدمة والكبرى تستأثر بالنصيب الأكبر من هذا الغذاء مما اظهر مشكلة نقص الغذاء في الدول النامية. فالمشكلة ليست مشكلة إنتاج ولكنها مشكلة توزيع، فالبلدان المتقدمة الغنية تضم فقط 20 ٪ من مجموع سكان العالم ومع ذلك فإنها تستهلك نحو 86 ٪ من الاستهلاك العالمي.
التقنية الحيوية و إنتاج حيوانات معدلة وراثيا
من الملفت للنظر هو أنه منذ بدأ العمل على الهندسة الوراثية والتقنية سارعت الدول وخصوصا المتقدمة على الاستفادة الكاملة من هذه التقنية الوليدة, فحاليا نجد بعض الشركات الزراعية الأمريكية المتخصصة في مجال الهندسة الوراثية تقوم بإنتاج أبقار حليب مهندسة وراثياً لإنتاج معدل سنوي من الحليب أكبر من المعدل الطبيعي للأبقار والاستفادة من هذا في التغلب على مشكلة نقص الغذاء أو في توفير الأموال التي قد يتم صرفها في التغذية العالية للأبقار العادية وبالتالي تزيد الكفاءة الاقتصادية.
وحاليا هناك تقنيتان هامتين جدا يساهمان بشكل كبير في الهندسة الوراثية والتقنية الحيوية هما نقل الأجنة ونسخ DNA، و الذي عن طريقهما يمكن تطبيق تقنيات DNA المهجن عندما يتم إتقانها. فمن الممكن استخدام نقل الأجنة من الحيوانات إما عن طريق العمليات الجراحية والتي تستخدم في نقل أجنة حيوانات ممتازة لا تستطيع حمل أجنتها إلى حيوانات أخرى تقوم بدور الحامل لهذه الأجنة لحين ولادتها. وهنالك أيضاً تقنيات تجميد الأجنة للتسويق التجاري وكذلك تجميد السائل المنوي للطلائق العالية الكفاءة والتي يمكن من استخدام هذا السائل حتى بعد موت الطلوقة الممتاز.
هرمون النمو فى الأبقار
كما كان لإنتاج الهرمونات بطرق التقنيات الحيوية الجديدة لاستخدامها لحيوانات المزرعة مجال كبير في البحث والدراسة لزيادة كمية الحليب واللحم من الأبقار، فلقد تمكن العلماء الأمريكان عن طريق حقن الأبقار بهرمون السوماتوتروبين (هرمون النمو), ذلك الهرمون الذي يطرح في الأسواق الأمريكية منذ تسعينات القرن الماضي من زيادة نسبة إنتاج الحليب بحوالي ما يقرب 10-25 ٪ للبقرة الوحدة خلال فترة إنتاج الحليب وهذه زيادة كبيرة بالنسبة للإنتاج العالمي من الألبان. كما كان بالإمكان حاليا تفكير العلماء بحقن الأبقار الحلوب بهرمون مماثل لهرمون البرولاكتين مما قد يعمل على زيادة الإنتاج من الحليب أيضا.
إنتاج سلالات حيوانية عن طريق نقل الجينات Transgenesis:
الحيوانات المعالجة وراثياً Transgenic Animal هي تلك الحيوانات التي يمكن الحصول عليها عن طريق إدخال DNA خارجي إلى DNA الأصلي عن طريق الهندسة الوراثية وهذه الطريقة ظهرت منذ فترة ليست بالقريبة وتعرف هذه الطريق ((Transgenesis وأصبحت هذه التقنية مهمة جداً في تطبيقات البيوتكنولوجيا الحديثة في المجالات الزراعية.
ان المعالجة الوراثية Transgenic DNA تتم عن طريق إدخال DNA خارجي إلى DNA للزيجوت حيث يتم زراعة الخلية المخصبة والمهجنة في حيوان ملائم ومهيأ لاستقبال هذا الزيجوت الذي ينمو به طبيعيا وبالتالي الحصول على فرد جديد به الصفات المرغوبة الذي سوف يورث إلى الأجيال الأخرى عن طرق انقسامات الخلايا الوراثية وإن إنتاج مثل هذا النوع من الحيوانات سوف يساعد كثيراً في مجال الأبحاث الطبية التطبيقية وخصوصاً عند عمل نماذج لتجارب الأمراض الطبية Disease Models، هذه الحيوانات بمكن استخدامها في إنتاج العقاقير الطبية للإنسان والحيوان، وأيضاً إنتاج بعض البروتينات العلاجية. ويأمل الكثير من العلماء باستخدام هذه التقنية في علاج بعض الأمراض الوراثية.
المحافظة على التنوع البيولوجي:
لقد كان لرسم الخرائط للصبغيات الأثر الكبير في تحديد ومعرفة الأصول النقية للحيوانات المختلفة، والذي مكن الباحثين والعلماء من تحديد مراكز الصفات الوراثية المرغوب والغير مرغوب فيها، وأيضاً معرفة المراكز الوراثية وكيفية عملها سواء في حيوانات المزرعة أو الحيوانات الإنتاجية الأخرى مثل الدواجن. بالإمكان تغيير المراكز الوراثية لأي حيوان بعد معرفة خرائط الصبغيات الخاصة به وهذا ما يعكف عليه العلماء والباحثين في رفع إنتاجية وكفاءة هذه الحيوانات، كما يمكن أيضاً التخلص من المراكز الوراثية السيئة أو التى تحمل صفات غير مرغوب فيها واستبدالها بأخرى جيدة أو مرغوبة. ويعتقد العلماء أنه في المستقبل القريب يمكن تطبيق التقنيات الحيوية الجديدة لإنتاج سلالات حيوانية ذات صفات مرغوبة، مثل سرعة النمو، وزيادة الإنتاج، فأصبح من المستطاع إنتاج سلالات من الأغنام، والأبقار، والدجاج، والدجاج الرومي، وغيرها من الحيوانات بطريقة مختصرة عن طريق اختصار الوقت الذي كان يهدر في التزاوج التقليدي واستبداله بالهندسة الوراثية، بحيث يصل حجمها إلى الحجم المرغوب فيه في فترة زمنية قصيرة جداً بالنسبة للطرق التقليدية القديمة في تربية الحيوان، وأيضاً أصبح في الإمكان التحكم في نوعية اللحم الناتج بإنتاج حيوانات لحومها ذات طراوة عالية وقليلة الدهن عن طريق استخدام تقنية الهندسة الوراثية.
التقنية الحيوية والكشف عن الأمراض:
تم حديثا استخدام التقنيات الحيوية الجديدة للكشف عن أمراض الإنسان والحيوان من خلال بعض الاختبارات التي استخدمت فى تشخيص الأمراض السرطانية، ومجموعة اختبارات أخرى لاختبار الأمراض الخاصة بالجهاز التنفسي والهضمي، ومجموعة للكشف عن الحساسية، وأيضاً مجموعة لاختبار احتمالات زرع الأعضاء في الأجسام، وأيضاً مجموعة للكشف عن الحمل، هذه الاختبارات كانت نتاج نجاح بعض الشركات العالمية للبيوتكنولوجيا من إنتاج هذه الاختبارات الشخصية السريعة والتي يرجع أساسها إلى استخدام الأجسام المضادة الأحادية الاستبيان والمتماثلة وراثياً.
الآفاق والآمال المستقبلية للتقنيات الحيوية:
أتت تجارب الهندسة الوراثية ثمارها عام 1982م فى مجال الحيوانات حيث نجح العلماء باستخدام الفئران في زرع جين هرمون النمو في بويضة حيوان من حيوان آخر، ثم إعادة زرع البويضة المعالجة وراثياً في رحم أنثى من الفصيلة ذاتها إلى إنتاج حيوانات فئران عملاقة كان نموها في وقت قصير، وقد أدى هذا إلى وجود الأمل لدى العلماء في إمكانية إنتاج حيوانات مزرعية عملاقة مثل الأبقار وغيرها مثل الأغنام أو الماعز من الحيوانات تتميز بإنتاج كميات وفيرة من اللحوم والتي قد تعمل على سد الفجوة الغذائية العالمية وخصوصا في دول العالم الثالث كما عمل هذا أيضا على الأمل فى إنتاج حيوانات لها من العوامل الوراثية ما يمكنها من تحقيق أهداف متنوعة، مثل سرعة النمو الهائلة، والبلوغ الجنسي السريع، والإنتاج الوفير وهذا هو ما يطمح إليه الجنس البشرى حاليا خصوصا مع الزيادة السكانية العالمية ونقص الغذاء المتاح لدى كثير من مناطق العالم, بل أن كثير من المناطق في العالم تعانى من المجاعات بسبب تقص الغذاء المتاح لها.
إن هذا الاكتشاف يتيح أيضا لباحثي ومربي الحيوانات الراعية الفرصة لإنتاج حيوانات مماثلة في الصفات لحيوان مميز ذو كفاءة إنتاجية عالية في الحليب أو اللحم أو البيض أو غيره. وأيضاً سوف يفتح المجال في مضمار سباق الهجن والخيل لإنتاج إبل وخيول سريعة من أمهات ذات كفاءة عالية وسريعة وخصوصا فى البلدان التى تهتم بهذا النوع من الحيوانات. واستخدم تقنية الحيوانات المعالجة وراثياً Transgenic Animals سوف تستمر وتنمو فيها الأبحاث لإنتاج حيوانات نموذجية ذات كفاءة وراثية عالية، وأيضاً سوف تتجه بحوث استخدام هذه التقنية لإنتاج حيوانات مميزة لأبحاث العلاج الوراثي الحديث والتقليل من العلاج التقليدي الذي يحمل في طياته الآثار الجانبية الكبيرة، وإنتاج عقاقير طبية جديدة، ومركبات حيوية مهمة لحياة الإنسان والحيوان.
أهمية المنتجات المهندسة وراثياً للدول النامية :
رغم أن النقاش والجدل حول المنتجات المعدلة وراثيا سواء حيوانات أو محاصيل ومناقشة الآثار الايجابية والسلبية لها يدور أغلبه في الدول الغنية والمتقدمة فأن الدول النامية ربما يكون لها دور وهدف من هذه المنتجات. حيث تعتمد كثير من الدول النامية في اقتصادها ودخلها القومي على القطاع الزراعي والحيواني لتوفير الغذاء اللازم لشعوبها ولذلك يتطلب الأمر أن تستفيد هذه الدول من أي تقنية جديدة تقود إلى زيادة الإنتاج وتقليل التكاليف وتحسين القيمة الغذائية للأطعمة ومما لاشك فيه أن هذه التقنية الحديثة تستهوى حاليا كثير من الدول النامية حيث يحذوها الأمل في استخدامها للتغلب على مشكلاتها الغذائية.
د/ محمد مبروك سلامة
تعليقات
إرسال تعليق